أكتوبر: أود الهرب

تقول رضوى عاشور في مقاطع من سيرتها، عن حالها أثناء الربيع العربي وهي تحارب معارك شرسة مع المرض: أكتب ما لا يرضيني، وما يرضيني يفوق قدرتي على الكتابة في تلك اللحظة. كذلك نحن يا رضوى فاجعتنا بالشهيد المغدور جمال خاشقجي أكبر من الوصف والله. لكننا مرضى بالخوف، ومكبلون، وأحسب ما شهدناه من قبح العالم الذي تجلى بأبشع صوره عقابًا على تخاذلنا. أشعر بالحزن، والغضب، والقرف الشديد الشديد. يؤسفني كل ما حصل بعد مقتل الشهيد خاشقجي. أي حضيض نحن فيه؟ أي هاوية سقطنا فيها؟ انكشف الزيف المستور، وتهاوت رموز كثيرة. أتحدث مع أبي على أثر الحادثة، وأشاح بوجهه عني وصمت! كم كان مخيفًا صمته بالنسبة لي، فأنا أخاف الصمت الذي لا أفهمه! أبي دائمًا يميل إلى بث الأمل في قلبي، حينما اختار الصمت هذه المره، لم يسكن قلبي!  بعدما تأكدت الأنباء، وكنت لآخر لحظة أنتظر تكذيبها ودحض جمال لها بظهوره حيًا باسمًا، شعرت بالصدمة، تألمت وأنا التي لم يجمعني به مجلسًا، ولا حديثًا، حينها شعرت بحاجتي لمن يواسيني ويصبرني ويقدم لي العزاء، نمت وأنا أبكي في حضن أختي ليلتها. عليك شآبيب   الرحمة أبا صلاح، نم في سلام، قد قلت كلمتك بدمك أيها البطل. وأخيرًا، أشعر أن لجمال حق ودين علينا جميعًا الوفاء به

في أكتوبر شعرت بالوحدة الشرسة القاسية ليالي طويلة، وأردت الركض دون توقف، أردت الهرب، بكيت طويلًا. كنت في كل مرة تزهد الدنيا في عيني، وأتمنى الرحيل أو اللاوجود، وأشعر بكثافة هذا الحزن على صدري أتذكر حضن جدتي، صوتها ودعواتها، “الله يزين حياتك” وأهدأ.  أتذكر أنها صامدة ولا تشكي رغم كل ما بها من تعب وحزن ووحدة وشوق لكل من رحل

 

 

نفسيتي المتعبة أنهكت جسدي. الضيق الذي أشعر به تمثل على شكل مرض حقيقي جثم على صدري، طال توعكي ممتدًا لأسبوعين. لكن لا شيء يؤلمني ويعصر قلبي كألم أحبتي، وأصعب الألم ما ليس لنا عليه حول ولا قوة! ما لا بمقدورنا إيقافه! صبرًا يا أجمل الصحب،  صبرًا جميلًا والله المستعان. عسى مشاركتنا للآلام تخفف عنكِ شيئًا منها، أما عني فلا يهونها علي إلا أنكِ تعلمين أني بجانبك وحولك على الدوام، وأني لكِ عكاز ومسكن ومخدة للبكاء

أكتوبر بطيء جدا و ثقيل على صدري، كأنه يزحف لكنه لا يبرح مكانًا. كئيبًا مرت أيامه حتى انقضى برحيل عزيزة أحبها، ولها رصيد ذكريات متعلق بطفولتي. رحمك الله يا حبيبة، يا طيبة. لن أنساكِ من دعائي. يارب أنا في سفر على سفر إليك، أرحم من تجاوز منا محطة الدنيا وصار إليك

أسأل شدن الصغيرة كيف حالك؟  تقولي: تعبانة في قلبي! آه يا قلب أختك، سلامتك من كل التعب. سأستعير جملة شدن وأزيد عليها تعبانة في قلبي وعقلي، لا خطة لدي، ويلازمني شعوري بالضياع الواسع، والوحدة والحزن

أخيرًا، سأترككم مع مدونات غنية بالممتع المفيد؛ أحب تدوينة الجميلة نوال القصير هذه: عند قمة النضج يحدث التالي ، وأحب هذا المنشور للأستاذ: عبدالله الوهيبي، يكتب تدوينات رائعة تلخيصًا للكتب التي يقرأها، تابعوها على تحديقات

Screen Shot 2018-10-31 at 10.25.44 PMScreen Shot 2018-10-31 at 10.26.13 PM

 

1 comments

  1. التنبيهات: ٢٠١٨ | شروقاندا

أضف تعليق